شبكة الراهن الاخبارية

حرب الخنزير و ملهاة الكارثة

مستصغر الشرر”
سلسلة حلقات قدمت من خلال إذاعة البيت السوداني 2023.

أعدها و قدمها و أخرجها محمد عباس الباشا.

قد لا يئن التاريخ من حمل الأحداث، و لكن يبقى كاهله مثقلا بجسام أبكت العيون، و أفرزت ما لا يطاق.
و مع ذلك يبقى الدهر بساطا لكل فاعل، كأنه يقول: “اقترفوا ما أنتم مقترفون”.

صفحة الماء الهادئة يهيجها حجر صغير، من خلال هذه السلسلة نسرد “جلائل صنعتها صغائر”.

(2)

أن يعبر الجنود حدودا فيها نزاع؛ فذلك سبب للحرب، و هناك شواهد كثيرة على ذلك، إذ يطلق الجنود من الطرف الآخر النار على جنود عبروا منطقة متنازعا عليها فتندلع الحرب الشاملة، و لكن من أتفه أسباب الحروب نزاعا بين دولتين كبيرتين كان السبب في إشعاله خنزير!.

جزيرة “سان خوان” الكائنة في الجزء الشمالي الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية في صيف عام 1859، الأرض ليس فيها وقتها ما يدعو للقتال.

كانت الجزيرة منطقة تماس بين القوات الأمريكية و القوات البريطانية في ظل توتر بين الجانبين و تحفز سببه نزاع حول ترسيم حدود ولاية أوريجون.

بسبب الموقع الاستراتيجي للجزيرة وفد الكثير من الأمريكيين و البريطانيين للاستيطان، و تجفيف الأسماك، و تربية الحيوانات.

لثلاث عشرة سنة من توقيع المعاهدة لم يحدث ما يعكر صفو التعايش بين مواطني الطرفين، بل كانت الحياة تسير على طبيعتها، كل في عمله و نشاطه الاقتصادي، إلى أن تجول خنزير يملكه مستوطنون بريطانيون في أرض مواطن أمريكي يدعى “ليمان كوتلر”، و بدأ في التهام البطاطس.

كوتلر أخرج بندقيته و سدد رصاصة للخنزير.

مالك الخنزير البريطاني “تشارلس جريفين” رفض عرضا بمبلغ عشرة دولارات تعويضا عن خنزيره المقتول، بل و طالب حكومته باعتقال الجاني.

كوتلر و مواطنوه الأمريكيون أحسوا بالخطر!، و طلبوا من القوة العسكرية الحماية على وجه السرعة.

بدلا عن التراجع و حل النزاع سلميا أرسل الجنرال الأمريكي “وليم هارني” ستا و ستين رجلا، لاستعراض القوة العسكرية في الجزيرة.

ردا على ذلك الفعل نشر “جيمس دوغلاس” ثلاثة سفن حربية بكامل عدتها في المنطقة، و أردف ذلك بتوجيه الأدميرال “روبرت إل باينز” القائد الأعلى للبحرية البريطانية في المحيط الهادئ بإلغاء كافة مهامه الماثلة و التوجه فورا إلى الشاطئ للقتال الأمريكيين.

رفض الأدميرال توجيهات قائده، و قال بأنه لن يشارك في حرب بسبب خنزير، و بالرغم من أنه خالف القوانين العسكرية إلا أن التاريخ خلد الأدميرال باينز و اعترف له بتعطيل وقوع حرب بين دولتين كبيرتين دونما سبب يذكر.

تم حل النزاع لاحقا بنشر جنود من الطرفين، قبل أن تشارك ألمانيا بوساطة توجت بإتفاقية منحت جزيرة “سان خوان” كاملة للأمريكيين.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.