شبكة الراهن الاخبارية

كيف نربي أطفالنا في واقع افتراضي؟

بقلم: أحمد يوسف دياب
أذكر تماماً، وكأنه الآن، أمي بت شيخ الدين وهي تحكي لي قصة ميولا أم ركابين. كانت ميولا هذه بنت مؤدبة ومطيعة، تخدم جميع أهل الحي في “المراسيل” ذهاباً وإياباً. هكذا حكت لي أمي، وها أنا أشارككم هذه القصة باحثاً عن إجابة شافية وكافية لسؤالي الذي عنونت به مقالي هذا.

فاليوم، وكلنا يعاني الأمرَّين من “قريب منك بعيد عني”. أعتقد جازماً أن واقعنا بين أطفالنا مابين المطرقة والسندان. وقد ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “يولد الطفل على الفطرة…”، ولكن حالنا اليوم لا نحسد عليه. أطفالنا يفوقوننا طولاً في تطلعاتهم، لا في طموحاتهم. يفوقوننا التصاقاً بالميديا ومغرياتها، لا في محتوياتها. يفوقوننا طولاً في شكلياتهم، لا في أشكالهم. يفوقوننا طولاً في سرعتهم الزائفة، وليست الذائقة.

لقد اتسعت الدائرة الافتراضية وكبر أطفالنا، فهل نفوسنا راضية؟ جاء في المثل: “لقد كبر عمرو عن الطوق”. نريد أن ينشأ طفلنا نشأة سوية من غير تعنيف ولا تخويف، هكذا قال علماء النفس والاجتماع، وها نحن على مقولتهم سرنا، ولكن لم يثمر الزرع. زمان، كنت تسمع والدك وهو يقول للمدرس: “ليك اللحم ولينا العظم”. أين نحن الآن من هذا؟

فهل نحن ديمقراطيون؟ وهل كانوا ديكتاتوريين؟ فماذا أصابنا؟ هل كان الشافعي محقاً حين قال: “نعيب زماننا والعيب فينا، وما لزماننا عيب سوانا”؟ أم قول القائل: “كيف يستقيم الظل والعود أعوج”؟

يقول علماء النفس إن الطفل عبارة عن عجينة طرية يمكن تشكيلها كيفما تريد. أنا ليس لدي أدنى شك في مصداقية هذا التشبيه الرائع، ولكن كيف يكون التشكيل لهذه العجينة المحلية وخبازها عالمي؟ يعني بالدارجي كدا، أن الموضوع ده ما ممكن يبقى زي ما بيقول المثل السوداني: “دي كسره وملاحا في الريف”، يعني ده من سابع المستحيلات أنك تقدر تربي ولدك بتربية زمان.

وأخيراً أقول وكلي متناقضات: ما بين الذكرى والنسيان مسافة قريبة يا إنسان. ونلتقي.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.