تقرير: إكرام مجتبى حيدر.
السودان هو الدولة الأضعف تحصيلاً للضرائب في القارة الأفريقية، هذا إن لم يكن في العالم بحسب الخبراء.
يبدو ذلك لارتباط الضرائب في ذهن المواطن السوداني بالثقافة الاستعمارية؛ لذا فهو يحتاج لإضاءات إرشادية بأهمية سدادها، و تفعيل القوانين ذات الصلة لزيادة التحصيل.
و على الرغم من أن السودان يعتبر الأقل فرضاً للضرائب في المحيط الإقليمي و الدولي، إلا أن البيئة الاقتصادية الهشة و تغيرها بالعوامل السياسية و الأمنية يجعلها مرتعا خصيبا للتهرب الضريبي.
يقول الدكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي إن التهرب الجمركي له آثار سالبة على الاقتصاد السوداني بصورة كبيرة، باعتبار الجمارك واحدة من أدوات الاقتصاد التي تختص بفرض رسوم جمركية على السلع القادمة من الخارج.
كانت الدولة في السابق تتخذ الجمارك وسيلة لتشكيل حماية للصناعة الوطنية، باعتبار أن القادم من الخارج تفرض عليه الجمارك حتى لا يكون أقل سعرا مما يصنع في الداخل، و لكن مستقبلا قد لا تكون الأداة فعالة خاصة مع متطلبات منظمة التجارة العالمية لأنه من المفترض أن تكون الجمارك نفسها معقولة من حيث الفئة التي تطبق لأن معقولية الجمارك هي في حد ذاتها تقلل من التهريب الجمركي.
ويردف الخبير الاقتصادي محمد الناير بالقول: “حينما تكون الجمارك معقولة و بنسبة بسيطة يسعى التجار أو المستوردون إلى سدادها وعدم التهرب منها”.
يعمل التهرب الجمركي على خفض إيرادات الدولة، و يوثر بارتفاع حجم العجز في الميزانية، كما يوثر على قدرة الدولة على تسيير دولاب العمل بالشكل المطلوب، و ذلك من المهم جدا انتهاج سياسات تشجيعية لعدم التهرب الجمركي.
إن القضية ليست تهرب جمركي لسلع واردة للبلاد، و لكن أيضا هنالك موارد كبيرة تفقد بسبب التهرب الجمركي مثل الذهب و الصمغ العربي و عدد من السلع الأخرى، أيضا نحتاج إلى إحكام السيطرة على المنافذ حتي لا يفقد الاقتصاد السوداني هذه الموارد الكبيرة التي تذهب عبر التهريب و لا يستفيد منها المواطن السوداني.
يتحدث الدكتور أحمد الطيب السماني خبير الاقتصاد عن مكافحة الفساد الإداري و يقول بأنه ينبغي تعزيز آليات مكافحة الفساد من خلال إنشاء لجان رقابية مستقلة و تحسين إجراءات المساءلة، كما يجب أن تكون هناك إجراءات قانونية صارمة ضد أي شكل من أشكال الفساد داخل الإدارة الجمركية.
و يجب تعزيز التعاون مع الدول المجاورة و تبادل المعلومات حول عمليات التهريب عبر الحدود ط، حيث يمكن للتعاون الإقليمي و الدولي أن يوفر دعمًا إضافيًا في مكافحة التهريب.
و من المفترض توفير تدريب مستمر للكوادر الجمركية على أحدث أساليب مكافحة التهريب و استخدام التكنولوجيا المتقدمة، و تحسين كفاءاتهم يعزز قدرتهم على التعامل مع التهريب بشكل أكثر فعالية.
هنالك إصلاحات جارية تهدف لمكافحة التهريب الجمركي والمحافظة على حقوق الخزانة العامة للدولة و حماية الحصيلة الجمركية من الضياع، إضافة إلى حماية المجتمع و السوق المحلي من استيراد و الاتجار بالبضائع الممنوعة أو المحظورة مثل المخدرات و الأسلحة أو التي تمس الصحة العامة مثل السلع المرفوضة و الأدوية المغشوشة أو تلك التي تهدد أخلاقيات المجتمع ، إضافة إلى اطتطوير مقاييس تسهيل التجارة المشروعة وومحاربة الخارجين على القانون بما يحقق العدالة الضريبية و المنافسة الشريفة بين المستوردين.
يُعَدّ التهرب الجمركي مشكلة كبيرة تؤثر على الاقتصاد السوداني بشكل سلبي، و تستدعي اتخاذ إجراءات قوية لمكافحته، من خلال تعزيز الرقابة، و ضمان الشفافية في الإعفاءات الجمركية، و محاربة الفساد، يمكن للسودان أن يحد من تأثير التهريب الجمركي و يعزز من قدرته على جمع الإيرادات الضرورية لدعم اقتصاده، و بالتالي دعم مستوى حياة الناس بتوفير الخدمات.