شبكة الراهن الاخبارية

مشاهدات من أرض المحنة

بقلم: خليل فتحي خليل

مدني، أنت درة وأنت حرة، وجئنا نبنيك بمحبة.

– خليل فتحي خليل

أحمد الله كثيراً أنني كنت من ضمن القافلة الإعلامية التي تحركت من النيل الأبيض دعماً وإسناداً لأرض المحنة بولاية الجزيرة، مدينة ودمدني. ومدني، كما عند كل السودانيين، لها وقع خاص في نفسي ومكانة مميزة. بالنسبة لي، مدني هي مدينة النقاهة وصفاء الذهن، فكلما تكدر صفو حياتي، أتذكر أصدقائي الأعزاء الذين فرقت بيننا سبل العيش، بعضهم داخل السودان وبعضهم خارجه. ثم جاءت الحرب وزادت من شقة البعد بين من بقي في مدني ومن هجروها بسبب “الدعم الصريع”.

قافلة النيل الأبيض التي تحركت إلى أرض المحنة

سمعنا خبر دخول الشرذمة لمدني، واعتصرنا الألم، وها هو الجيش يعيد سيطرته على مدني وعلى كل أرض دنست. أعود وأتحدث عن رحلة قافلة الولاية إلى مدني. تحركنا من كوستي في فجر يوم الأربعاء 15 يناير 2024، يوم مبارك. ومن بعد “صينية سنار”، رأينا العجب العجاب. في كل المدن والقرى المحاذية لشارع الأسفلت، تغير حالها وتدمرت وخلت من أرواح ساكنيها. جمدت الدهشة أفواهنا وحجظت العيون من هول ما رأينا: منازل فارغة ومنهوبة، شبابيك وأبواب مخلوعة بالقوة، محلات الأسواق مكسرة أبوابها وخالية.

القافلة ويظهر والي ولاية النيل الأبيض ووالي الجزيرة
المزيد من المشاركات

ودخلنا مدينة ود مدني التي تكاد تكون خالية إلا من البعض. لا حركة في الشوارع التي كانت مزدحمة، وحتى الاخضرار الذي كانت تمتاز به مدني أصبح غباشاً. حتى شجر مدني حزين، أكوام من نفايات “الجنجويد” وخراب في كل مكان، لأنهم البوم الذي يعجبه الخراب. مدني أصبحت مهجورة. حجم الدمار الذي شاهدته اليوم في مدني لا أستطيع وصفه بكل كلمات ولهجات ولغات العالم.

ذهبت النيل الأبيض بكل حكومتها وقياداتها الأهلية ومقاومتها الشعبية وإعلامييها، وبكل حب قدمت قافلة دعم وإسناد لمدينة المحنة بأرض الجزيرة. وكان الاستقبال حاشداً على طول الطريق، وكل مدينة وقرية تخرج وتزغرد وتسيل الدموع وتُقَابِلنا أهل ولاية الجزيرة. تلاقت القيادات في الولايتين وتعاهدوا على أن الإعمار بدأ بودمدني وكل قرى الجزيرة وكل السودان، وأن القوافل لن تتوقف حتى تسترد مدني جمالها.

لحظات دخول القافلة إلى أرض المحنة

كان لقاء فوق الوصف، والدموع كانت هي لغة الحوار بين مدني وبيننا. هل تعلمين يا ولاية الجزيرة كم نحبك وأنت جزء لا يتجزأ من تركيبتنا السودانية؟

مدني، أنت درة وأنت حرة، وجئنا نبنيك بمحبة.
التحية والنصرة للمؤسسة العسكرية.
وللحديث عن مدني بقية كثيرة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.