شبكة الراهن الاخبارية

عندما يكون التوهان هو حياتنا

خليل فتحي خليل

عندما يسمع الإنسان كلمة توهان يتبادر إلى الذهن الضياع مباشرة… وهذا هو حالنا اليوم في السودان.
وكل شخص يأتي للحياة… يبدأ تعليمه كيفية الاعتناء بنفسه… وكيف يكون مستقرًا نفسيًا في حياته….
والاستقرار هو سر الحياة السعيدة دوماً…
وعندما يختل ميزان الاستقرار في نفس الإنسان يبدأ التوهان، وتبدأ دوامته.
نشأنا في أعقاب استقرار كان…. رأينا في السودان لمسات من كانوا يحكمون… قبل وجاءت السنوات تباعاً…..
ومنذ أواخر الخمسينيات… بدأت الأساسيات تتضائل… ولا أعرف السر في ذلك… رغم التطور في كل شيء إلا أننا أصبحنا نقف في نقطة البداية….
قديماً
سافرنا، ركبنا قاطرات السكة حديد وتذوقنا متعة السفر بالقطار…. رأينا طائرات البوينج العالمية وهي تهبط وتقلع من مطار الخرطوم. … كنا نذهب للنقل النهري في كوستي نستمتع بحركة المسافرين والقادمين من الجنوب…. وفي كوستي كان ملعب تنس المضرب ونرى الخواجات وأولاد الأعيان بزيهم الأبيض الناصع وهم يلعبون… كنا نبتهج في كل حركة وسكنة.
نذهب إلى الخرطوم، أولاد أقاليم قح، ندخل سينما كلوزيوم والمسرح القومي وحديقة القرشي… ونرى النوافير تضخ مياه ملونة…. ونندهش. ونمشي في الحاتي في الخرطوم 2 وحديقة الحيوانات في الخرطوم.. وقاعة الصداقة سينما ومسرح بالنهار… وكانت دهشتنا تزداد، وعندما نريد الذهاب إلى أم درمان كانت تلك رحلة العمر لأننا سنرى شارع النيل والخواجات والأجانب..
ولكن رويداً رويداً بدأ يخبو البريق… وتغير كل ذاك الجمال.
وبدأ التوهان….
فجأة فقدنا كل ما ذكرته…. وبدأت أبحث وأسأل ولا إجابات…….
وصار التوهان هو كل شيء…..
قالوا ليتغير الوضع للأفضل…. ولكن هيهات….. ليتهم تركوا القديم بصدقه، لأن كل جديد جاء ومعه الزيف في كل شيء…….
جمال ألوان وبوهيات.. وأنوار تضيء وتطفي. وزخارف ونقوش… لكنها كلها بنكهات بلاستيكية خرسانية خالية من الجمال والإنسانية….
وما أصعب أن يعيش الإنسان في توهان.

ونلقي

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.