شبكة الراهن الاخبارية

كيف ترى نفسك في آخر؟

شفتاها تتحركان برعونة ، كلامه لا يعني لها شيئا على الإطلاق ، نسمة تبعثر شعرها الطليق تلمه بيديها ، ترى إحداهما في عينيه ، كيف ترى نفسك في أحد آخر ؟
السؤال أبدته بسمة مألوفة منه ، يحدثها عن حلمه الخاص جدا ، وينسى معركة تدور في داخلها ، كان مبهورا بنفسه ، وشبه واثق ، فلم ير ما في عينيها من لاءآت وحيرة .
تراجعت أصابعه ، مسح بها وجهه الملون ، زم شفتيه ورفع حاجبيه ، قال أنه يستنشق أيامها معه ، قال أنها تبدو كأجمل ماتكون ، قال أنه في إحدى الليالي …….ثم غاب صوته في صوت عربة أخرى ..
كان يحاول وصف رقتها وعذوبتها ، شفتاه تتحركان بلا معنى ، تبتعد العربة ، فينقر بإصبعه على الطاولة ، يتأملها ويحدث نفسه:
تبدو أهدابها أكثر طولا وعيناها أشد بريقا ، ثم رشف من كوب قهوة كاد أن يبرد أمامه ، وهي تقضم أصابعها بعصبية ، كانت ترواغه بذكاء ، أصابعها تتخلل شعرها ، وتقذف به إلى الوراء ، خيل إليه أنه يشتم رائحة مألوفة فتحركت بداخله الذكرى ، قرأت ملامح وجهه ومعناها ، استندت بمرفقها على الطاولة ، وعضت شفتها بخبث، ظن أنها على وشك أن تهمس بشيء ، أمسك بأصابعها من جديد ، مازالت خشنة وباردة ، كان يتغاضى عن الحقيقة ، ويميل بأفكاره إلى التصديق ، لكن شيئا كالإنتكاسة وقف أمامه ،
يدور رحى الصمت بينهما ، رأى صورته في عينيها مقلوبة وصغيرة ، وخشي أن يكون هو كذلك بالفعل ، نظر إلى الكرسي، وإلى نفسه، ضرب بقدميه السجادة ، كان يتأكد أنه يجلس معتدلا وأن رأسه مازال إلى الأعلى ..
مر طفل من جانبها ، تعثر بالكرسي وسقط ، شهقت وبان الهلع في عينيها ، كان الطفل يدور بين الكراسي وسقط ، من الصعب جدا أن يكرر الطفل ما كان يفعل ، فللفرحة والرقص معنى لا يستعاد ولا يقلد ، هذا الطفل يشبهها كثيرا ،
من الصعب أن تنهض ثانية كما فعل الطفل ، ماتفسده الأيام لا يصلح، محاولة الترميم عملية خاسرة ، ابتسمت لهذه الفكرة التي اطلقتها بصعوبة ..
تمد يدها إلى الكوب ، وتشرب ببطء ، كان السائل الساخن يذيب ثلوجا تراكمت في داخلها، القت نظرة بطيئة على ساعتها ، كان منهمكا في سيره حتى ليبدو أسرع من الوقت بكثير ، تمنى لو يستل لسانها بيده، لو يجعلها تنطق بجرأة، لو يهزمها لمرة، وتمنى أن لا يتمنى مرة أخرى،فرك عينيه ونظر إليها ، كانت لاهية عنه تفكر بأشياء أخرى .
أذهلته المفاجأة آية يقظة طوحت بهذا الحوار والصمت .
إندلق الشاي على ثوبها الأنيق.
نهضت فجأة ، وابتعدت بسرعة ، وهو يرمقها بإستغراب ، وتساءل فيما إذا كان هو الخاسر أم لا ..

المزيد من المشاركات
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.