تتناول وسائل الإعلام مصطلح “خطاب الكراهية” بكثرة و تربطه دوما بالاختلالات الاجتماعية المرتبطة بالحروب و النزاعات.
و تسهم و سائل إعلام في تأجيج خطاب الكراهية، فيما تنشط أخرى في محاربته، و ذلك بحسب توجهات كل وسيلة إعلامية، و أهدافها.
كما أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يلعبوا أدوارا ضخمة و مؤثرة تجاه قضية خطاب الكراهية سلبا أو إيجابا، كل بحسب دوافعه و أخلاقه و قيمه.
يقصد بخطاب الكراهية الكلام المسيء الذي يستهدف مجموعة أو شخصا على أسس عرقية أو دينية أو النوع الاجتماعي.
لقد ساهم خطاب الكراهية في إحداث حروب دامية عرفها تاريخ البشرية على المدى الطويل و القصير، كما أسهم في إحداث فجوات تنذر باحتمال وقوع النزاعات بين مكونات مجتمعات عديدة حول العالم، كان يمكن ضمان سلامتها ببث الخطاب الإيجابي.
و للحد من انتشار خطاب الكراهية يمكن اتخاذ جملة من التدابير التي يقوم بها المجتمع و مكوناته الاجتماعية و السياسية و طوائفه، و وسائل الإعلام التي تخدمه، إضافة إلى الدولة و المجتمع الدولي.
و أبرز التدابير التي تساعد على الحد من خطاب الكراهية هو رفع الوعي بين أفراد المجتمع بمخاطر التمييز و التعصب لفئة قبلية أو دينية أو اجتماعية أو اقتصادية.
كما يسهم المواطنون في الحد من خطاب الكراهية بالإبلاغ عن المنشورات السلبية على وسائل التواصل الاجتماعي و التي تنشر الشائعات و المعلومات المجانبة للواقع، ومحاربتها بالتفنيد و التوعية بضرورة عدم الانسياق خلف أسباب النزاع، مع وجوب تفعيل القوانين الرادعة داخليا لوأد دعاة التنازع و التفرقة و العاملين على جر المجتمع لخضم التناحر و الحرب.
يعمل خطاب الكراهية على إزكاء نار الفتنة بين مكونات المجتمع على أسس قبلية أو جهوية أو دينية أو على أساس النوع، و هو خطاب يحسب في عداد الجرائم الموجهة ضد الإنسانية لتسببه في إشعال الحروب و قتل الأبرياء و ذوبان كيان الدولة الجامع الذي يضمن للجميع الأمن و العدالة و الحرية.
و تعتبر جريمة بث خطاب الكراهية من أبغض الجرائم التي يمكن أن يرتكبها شخص بحق المجتمع و الإنسانية و الدولة، لتسببها في تفكيكه و تعريض أفراده خاصة النساء و الأطفال للانتهاكات الوحشية و على رأسها القتل و الاغتصاب و غير ذلك من الانتهاكات و الجرائم، التي تدخل في باب الفساد في الأرض.
يعمل خطاب الكراهية على منح أفراد المجتمع دافعا قويا لقتل بعضهم البعض، و هو بذلك يعتبر تحريضا قويا على تهديد سلامة المجتمع، و تعريض كامل أفراده للخطر؛ و هذا ما يفسر بشاعة و عنف الانتهاكات المرتبطة بخطاب الكراهية، و التي لا ينجو من أهوالها طرف دون الآخر، خاصة عندما تتطور الوقائع ناحية الفعل و ردة الفعل.
لمحاربة خطاب الكراهية يتوجب على جميع أفراد المجتمع و مؤسساته الدينية و التعليمية و الشعبية و أجهزة الدولة تحمل مسؤولياتها تجاه الأمر، و ذلك بتدعيم الخطابات الإيجابية و العمل على تفوقها في وسائل التواصل الاجتماعي و كافة وسائل الإعلام على خطاب الكراهية الهدام، من خلال الدعوة إلى السلام الاجتماعي و التسامح.
يؤدي تساهل الدولة مع خطاب الكراهية إلى تفككها على نحو مريع و صادم و سريع، كما يعاني المجتمع المتساهل مع خطاب الكراهية من ويلات الحرب و الانقسام.