شبكة الراهن الاخبارية

عن الصديق ورفقة السبل العجاف

احتفل الناس باليوم العالمي للصداقة، كل بطريقته، و لكنها ليست الفرصة الوحيدة في العام التي نتلمس فيها أهمية وجود الصديق الحقيقي في حياتنا، فالأيام حبلى بما يدفعنا لتحسس مكان الصديق بجانبنا.
كثيرا ما وقف أحدنا في التفاتة للماضي، و أخذته الدهشة و هو يستعرض أمورا عظيمة، و أحداثا جسيمة ألقت عليه أثقالها، ولكنه استطاع تجاوزها، و الانتصار عليها، بفضل الكثير من التوفيق الإلهي و القدرة، و بوجود صديق هو نصف تلك القوة إن لم يكن أكثر من ذلك.
نحتاجه في كل الأوقات، فهو يقدم الدعم عن قرب، يخفف الشدة، و يمنح الأوقات السعيدة قيمة أكبر، و لأن هذه العلاقة الإنسانية السامية ذات معنى لا يمكن التخلي عنه في حياتنا جعلت الأمم المتحدة من الثلاثين من يوليو من كل عام يوما للاحتفال بصداقاتنا المتينة و الصادقة.
لا يبدو أنه بالإمكان التخندق في مواضع الحياة عصيبة المواقف دون صديق، خاصة عندما يلازمنا الإحباط، و يجانبنا التوفيق، و يعترينا ما يعتري البائسين الذين يتخذ من صدورهم الضيق بيتا.
إننا نتشظي تحت ضربات مطارق حوادث الحياة، فيجمعنا الصديق، و نتهاوى إلى سفوح بعيدة فيلحق بنا الصديق قبل أن نسقط، ولهذا يكتسب الصديق قيمته من لحظة وجوده، و في ذلك قولهم “الصديق وقت الضيق”، و قد صدق القائل.
تكون الحياة جيدة في ظلال صداقات متميزة، و أشخاص طيبين، و ديننا الإسلامي يحث على اعتقاد و فعل كل ما هو داعم للترابط المجتمعي، بما في ذلك الأخوة و الصداقة و الوفاء للآخر.
من غير المنظورات من فوائد الصداقة أن الصديق الجيد يعزز شعورنا بالانتماء للمكان و الوطن، كما يقوي مشاعر السعادة لدينا، و يدعم ثقتنا في أنفسنا، و تقديرنا لذواتنا.
و من المصائب ما قتل، فنجد الصدمات كثيرة و معزونا فيها هم الأصدقاء، و ما أشد وقع الطلاق على النفوس، و فقدان الأعزاء و غيرها من ملمات الزمان و خطوبه، و هنا نتكئ على صدق الصديق الذي يرينا ما لا نرى، و يخفف عنا مشاعر التوتر و القلق، و الإحباط.
و من المنظور من ثمار الصداقة الجيدة و المعروف، أن الصديق الوفي يشاركنا جميل الأوقات و عصيبها، مع دوره المهم في تشجيعنا تجاه كل ما يفيدنا، و يمنحنا التقدم، و يمنع عنا الاكتئاب و الأمراض المرتبطة بالتوتر و القلق كضغط الدم و غيره.
الحصول على الصديق الجيد أمر ليس بالسهل، الكثيرون اقتربوا من أشخاص و منحوهم صفة الصديق الصدوق، ثم سقطت هذه الصفة في المنعطف الأول، و يمكننا أن نعرف الصديق الحقيقي من خلال تقديمه للدعم النفسي، و الوجود في لحظات المصائب و المحن، و السعي لتخفيف وقع ما نشعر به من ألم، و يمكننا أن نعرف أن الصديق الجيد هو من يستمع إلينا مهما كثرت الشكوى و ضاق الحال دون كلل، مما يجعله محبوبا في قلوبنا، نشعر بالراحة برفقته.
الصديق الجيد يتفهم دوافعنا، و لا يصدر الأحكام، و يعتذر إن أخطأ، و يتقبل الاعتذار إن أخطأنا في حقه، و نجده يدافع عنا في حضورنا و غيابنا، و يترفع عن لومنا، فاللوم المتكرر هو سارق للمحبة بين الناس، و طارد للمودة.
لا نحتاج أن نثبت لصديق صداقتنا و لا هو بحاجة لفعل ذلك تجاهنا، فالأيام كفيلة بفعل ما لا يقال.
أصدقائي الأعزاء، كل عام و أنتم أصدقاء، كل عام و أنتم كما أود.

المزيد من المشاركات
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.