تقرير: إكرام مجتبى حيدر.
ينسب التراجع الكبير للناتج المحلي في السودان لعدة أسباب وعوامل؛ أولها الحرب الدائرة في أجزاء واسعة من البلاد.
انخفض الناتج المحلي بخروج مناطق واسعة من دائرة الإنتاج؛ مما أدى إلى تقليص المساحات المزروعة.
“تمت زراعة 36 مليون فدان فقط بسبب الحرب”، هذا ما أشار إليه وزير الزراعة والغابات أبوبكر عمر البشرى، الذي أضاف بأنه كان من المخطط زراعة 46مليون فدان.
وزير الزراعة والغابات السوداني يؤكد أثر الحرب البالغ على الزراعة و المحاصيل النقدية والغذائية؛ مرجعا ذلك إلى طبيعة الحرب الشاملة التي شملت عددا من الولايات، حيث تأثرت ولايات إقليم دارفور الـ 5، و ولايتي غرب و جنوب كردفان، و الجزيرة و الخرطوم، و كان الأثر بالغا في إيصال مدخلات الزراعة لهذه المناطق، و نقص الأيدي العاملة، و نهب الآليات و مدخلات الإنتاج و الأسمدة من مشروع الجزيرة.
و في ملمح آخر لتأثير الحرب المستمرة في السودان على الناتج المحلي أفصح الوزير عن التخطيط لزراعة 650 ألف فدان من القمح، و لكن لم يزرع سوى ما بين 220 إلى 250 ألف فدان فقط في هذا العام.
وسط هذه الظروف السياسية و الأمنية هل تستطيع الحكومة السودانية اللجوء إلى حلول وفق إجراءات مناسبة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ومحاولة إستغلال بعض عوامل الاستقرار المتوفرة في المناطق الأمنة؟.
يقترح اقتصاديون استطلعتهم شبكة الراهن الإخبارية عددا من الحلول الممكنة لتفادي الانهيار الكلي للاقتصاد الوطني.
الخبير الاقتصادي البروفيسور عثمان خيري يشير إلى أن إقامة مدينة لتحسين الثروة الحيوانية و عاصمة لصادراتها تنقل إليها وزارات الثروة الحيوانية أمر قد يساعد كثيرا على استعادة عافية هذا القطاع الحيوي.
و يرى بروفيسور عثمان خيري أن إقامة مدينة للتكنولوجيا تعنى بالإنتاج الرقمي و المعلوماتية تنقل إليها وزارة الاتصالات و العلوم قد يساهم فى تطوير نظم الري في المشاريع المروية فى ظل وجود وزارات الري و التوليد.
و بالمقابل فإن إقامة مدن طبية و جامعية تستوعب الجامعات كافة لتكون مؤسسات تشغيلية إنتاجية لهذه المدن و تسمى بها و تخضع لإدارتها و استثمارها.
الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد الطيب السماني يذهب إلى وجهة أخرى و يقول بتقليل الاعتماد على القطاعات المتأثرة بالحرب بشكل مباشر؛ مثل الزراعة أو الصناعات التي تعاني من تعطل سلاسل التوريد؛ حيث يمكن التركيز على تطوير قطاعات أخرى كالتكنولوجيا، و الخدمات، والصناعات التحويلية، بالإضافة إلى الاستثمارات الخارجية من خلال تقديم حوافز للمستثمرين الأجانب، مع تسهيل الإجراءات القانونية، و ضمان بيئة استثمارية مستقرة، مما قد يمكن الحكومة من جذب رؤوس الأموال الأجنبية، هذا فضلاً عن إصلاح النظام الضريبي، و تحسين نظم و لوائح جمع الضرائب من خلال تقليل الفساد و تعزيز الشفافية، و يمكن أيضاً إعادة هيكلة النظام الضريبي و جعله أكثر عدالة وكفاءة.
و يضيف الدكتور أحمد الطيب السماني بأنه لابد من تحسين البنية التحتية بالرغم من صعوبة الأمر في ظل الحرب المستعرة الآن ، إلا أن الحكومة يمكنها التركيز على تطوير البنية التحتية الأساسية مثل النقل و الطاقة، مما سيساهم في تعزيز الأنشطة الاقتصادية.
و يؤيد الدكتور أحمد الطيب تعزيز الشراكات الدولية كمخرج للاقتصاد السوداني، و ذلك من خلال التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية للحصول على دعم مالي أو تقني، وقد يشمل ذلك إعادة جدولة الديون أو الحصول على قروض بشروط ميسرة.
هذه الحلول لابد من النظر مليا فى تلك الحلول لأنها تتطلب تخطيطاً دقيقاً و تعاوناً بين الحكومة و القطاع الخاص و المجتمع الدولي والمحلى لضمان فاعليتها، في ظل وضع استثنائي عطل عجلة الإنتاج الزراعي و الصناعي و أفرز واقعا اجتماعيا قاسيا على كل السكان.