تقرير: شبكة الراهن الإخبارية.
يبدو أن القوات المسلحة السودانية قد اختارت من ساعات فجر الخميس الأولى بداية لتحول كبير في موقفها العملياتي، فمنذ اندلاع الحرب في السودان في منتصف أبريل من عام 2023 اتسمت عمليات الجيش و القوات التي تسانده من مستنفرين و كتائب بالطابع الدفاعي، أو النوعي، والذي يحقق مكاسب إستراتيجية تبدو محدودة بالنظر إلى تمدد الدعم السريع في السيطرة على عدد من الولايات.
عملية الجيش الجارية في الخرطوم تنبئ عن تحول قد يكون استنفذ وقتا في التخطيط و التأني، و قد يكون قد أجله أمر عسكري ذو علاقة بالتسليح أو الظروف اللوجستية، إلا أن الشاهد على الأرض يؤكد أن الجيش السوداني قد اتخذ موقفا مغايرا لما كان قد اتخذه منذ اندلاع الحرب بينه و الدعم السريع.
التقارير تتحدث عن هجوم واسع و اقتحام متزامن للجسور مع غطاء جوي و مدفعي كثيف، كما أن مراسلين لشبكتنا أكدوا شراسة الهجوم التي ظهرت من خلال اتصاله دون انقطاع منذ بدايته في ساعة الصباح الأولى، و أنواع الأسلحة المستخدمة فيه.
هذا التحول الكبير في مسيرة الحرب في السودان، ينقلها لمرحلة جديدة في تطور النزاع، و يفتح الباب أمام احتمالات يدعمها الواقع لافتكاك قبضة الدعم السريع عن مناطق مهمة سيطر عليها منذ اليوم الأول للحرب و ظل محافظا عليها.
لقد شكل الموقف الدفاعي للجيش السوداني والذي استمر على مدى زمن حرب السودان لبنة للبناء المعنوي و الدعائي لقوات الدعم السريع، خاصة بعد تحركها للاستيلاء على مناطق أخرى و قيادتها هجمات واسعة على أكثر من صعيد و جبهة، إلا أن نجاح هجوم الجيش الواسع و المفاجئ قد يحدث الأثر المعاكس و الهادم للصورة الذهنية التي استطاع الدعم السريع بنائها لقدراته في أذهان الكثير من المراقبين، بل و العديد من الدول.
يقرأ هجوم الجيش على مواقع سيطرة الدعم السريع في الخرطوم و الخرطوم بحري في سياق تقديم رد استباقي على ما سينشأ من مواقف دولية تجاه كلمة سيلقيها قائد القوات المسلحة الخميس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك.
يظل سجال الحرب في السودان مفتوحا على واقع إنساني معقد، و يبقى أمر الحسم النهائي بعيدا عن قابلية التكهن، فالسودان منكوب بالحرب و الأوبئة و السيول، كما أن السلام منال تتعقد نحوه سبل الوصول.