شبكة الراهن الاخبارية

رحل عبود و بقي الأثر

كتب عمر محي الدّين

الزّمان : عصر احد ايّام العام 1994
المكان :مكتب المدير العام لإذاعة ودمدني ؛ المهندس الرّاحل ، صلاح طه
الحدث :الدّورة التّدريبيّة للمذيعين الجُدد(فُنون العملِ الإذاعيّ)

الحضور: أحمد سالم ،اماني ضو البيت ،نصره حسين أماني البشير ،
الرّاحل محمّد عبد الرّازق عبد الكريم
الرّاحل عبد الرّحيم احمد عبد الحي
وليد عبد الرّحيم حسن …محمد كامل الرّاحل حسام علي الأمين
وجدان زكي عبد العظيم الأمين حسين ،
ندي الطّريفي عبد الرّحمن، وشخصي الضعيف .
المحاضر : الإذاعيّ القدير والذي فُجِعنا فيه ظُهر هذا اليوم (استاذنا الإذاعيّ الشّامل إبراهيم عبّود سيف الدّين)
حينها كنّا نتلمّس الخُطوة الأولى لفنون العمل الإذاعيّ؛ المبني علي الموهبة والإبداع الذّاتي ،قبل التّعلّم والتّدريب ، كيف لا وقد وجدنا في ودمدني الإذاعة حينها مايُدخلِ الرّهبة والخوف إلي نفسك ؛ الرّاحلون( السّرّ حقّار ، مجدي علي العجب ، محمّد عثمان منصور، وعبد الماجد عبد الرّحمن محجوب وأسماء دَفْعُ الله. والأعزّاء متّعهم الله بالصّحّة والعافية (الصّادق ساتي، أسامة علي حُسين ، إحسان عبدالماجد ، ساميه دَفْعُ الله ،منال مهدي، بهاء الدّين علي بشير ،حاتم محمّد عثمان ، ابو عبيدة أبو عرب ، لقمان همّام، عماد همّام ، محمد نور السّاري ، الطّيّب بانقا وحنان بابكر ؛ ووقتها انتقل أستاذنا الكبير؛ الطّيّب قسم السّيد مؤسسًا لإذاعة القضارف؛
كانتِ المرّة الأولى التي أُشاهدُ فيها، وأستمعُ إليه عَيانًا بيانًا ؛ كنت أُحِسّهُ وأتلمّسُهُ من خلال رؤيته الإخراجيّة المميّزة عبر برامج إذاعة ودمدني (استديو المنوّعات ، ملتقى الأصدقاء ،
صباحكم زين ، وغيرِها من الفرائد التي رسّختها مدرسة ودمدني الإذاعيّة ؛ والتي يُعتبر عبّود سيف الدّين .ركيزةً أساسيّةً من ركائِزها .
تعارَفنا حينَها وعرّفنا بنفسه بأنّه [اخونا الأكبر] المخرج عبّود سيف الدّين ..وأنّ اسمه الحقيقيّ( ابراهيم عبُود سيف الدّين؛ أسماه والده على الرّاحل الجنرال( إبراهيم عبّود) من أبناء امدرمان العريقة نشأةً وميلادًا. لكنّه أحبّ الجزيرة وإنسانها ، واحتوته ودمدني التي صار احد أبنائها البررة؛
حينها سألنا (ماذا تعرفون عن الإخراج الاذاعيّ ؟ وطلب من كلّ واحدٍ منّا أن يجدَ تعريفًا له .
أدلى كُلٌّ منّا بدلوه؛ معرّفًا الإخراج حَسْبَ معرفته، مِنّا مَن أطال، ومِنّا مَن اوجز ، حينها أدركتُ من خلال الاستماع أنّ هذه الدّفعة (الكوكبة من الإذاعيّين سيُكتب لها النّجاح إن لم يكن خُلود الاسماء .
إن أنسَ لا أنسى هذه المحاضرة و الجِلسة، رفقة الرّاحل عبّود سيف الدّين ، والتي بدأ فيها ؛ عارفًا ومثقّفًا ومُلِمًّا بمهنته، حاذقًا ومُتقنًا . لخّصَ لنا حينها، أنّ الإخراج الإذاعيّ هو (وِجهة ُ نَظرٍ) لا أكثر ولا أقلّ، وأسهبَ بعدها بالشّرح، فرسخت معلومته في أذهاننا وحفظناها، ومِن ثَمّ طَبّقناها عملًا واتقانًا.
من هذا الدّرس المُتقن الذي قدّمه لنا ، بدأنا مسيرتنا الإذاعيّة والإبداعيّة والابداعيّة.
حفر عبّود محاضرته هذه في اعماقي وراسي واظنّ انّي (حفظتها عن ظهر قلب) ،وظللت أردّدها على متدرّبي هذه المهنة ؛ عندما أتاحت ليَ الظّروف أن أكون مُدرّبًا مُعتمدًا من الجهات ذات الاختصاص بين مراكز التّدريب ،وبعض مؤسّسات التّعليم العالي بالسّودان (عِلمًا إنّي لم أكن أميز تلك الدّفعة المميّزه بحقّ ، وإن كنتُ سبقتُهم بعامٍ كاملٍ أمضيتُه بإذاعة أمدرمان مذيعًا متدرّبًا علي يد الرُاحل الكبير كمال محمّد الطيب ، طيّب الله ثراه.
ومن ذلك الحين ظلّ عبّود سيف الدّين حاضرًا فينا ؛ أستاذًا ومعلّما ومراقبًا ، مُحْدِثًا فينا؛ يُحدّث لنا المعلومة والفكرهة.تدور هذه الأحداث_ واسترجعها الان – وقتها كان الرّاحل المهندس صلاح طه مديرًا لإذاعة ود مدني ،
وكان ينوب عنه الرّاحل عبّود سيف الدّين ..ظللنا بإذاعة ودمدني بعد فترة التّدريب لسنواتٍ- تعلّمنا فيها على ايديهم مانمتهنُه الآن .
كانوا خيرِ المدرّسين والمثقّفين والمعلمين ..اخذنا بين الشّدّة واللّين، حتُي خرجنا كما نحن الآن.
لسنوات بعد هذه الفترة انتقل صلاح طه مديرًا عامّا للاذاعات الولائيّة والموجهة والمتخصّصة بأمدرمان ، وظلّ عبّود مديرًا عامّا لإذاعة ودمدني ، لم تشغلْه الإداره عن ممارسة هوايته، ومهنته، في الإخراج والتّقديم ، بل تنازل عن مهامه مديرًا ، ولا أذكر عدد المرّات التي قام فيها بترحيل ورديّات الإذاعة بنفسه ؛تَطْوافًا علي أحياء ودمدني المختلفة؛ تعلوه الابتسامة التي لم تفارقه حتّى رحيله؛
أجدُ
نفسي أكثرُهم حُزنًا وألمُا في هذا اليوم، فعبّود سيف الدّين لم يكن فقط مديرًا ،مبدعًا مخرجًا جبّارًا ؛ بل كان أخًا وصديقُا ، مهذّب النّبر والفكرة ، حَسنَ الهندام والمظهر ، أخرج عبّود نفسَه، وشخصيّته فاجاد .
لم تخلو حياتنا المهنيّة بين إذاعة ودمدني وهوى السّودان من اختلافات مع استاذنا عبّود ، واشهد له بسَعة الصّدر والتّجاوز الحَسَن الجميل ، وإن كان ذلك لايُنسِينا أستاذيّتُه ،خلافاتَنا المهنيّة لم تُفسدِ للودّ بينَنا قضيّة.
غاب عبّود وكلّنا موعودٌ بيوم يودّعنا فيه من نعرف ومن نُحبّ .
سيظلّ عبّود _فينا- حاضرًا اسمّا ومعنىً ومضمونا .
اللّهمّ ارحم عبدَك إبراهيم عبّود سيف الدّين، وتجاوز عنه وأكرمْ وِفادته ،واجعل قبره روضةً من رياض الجنّة،إنّك وليُّ ذلك والقادر عليه، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه ، واكتب لنا حسن الخاتمة اجمعين …
(ابها ..السعوديه ٤ مايو ٢٠٢٤)
عمر محي الدّين

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.