شبكة الراهن الاخبارية

“الذري” كان أكثر من مجرد مطرب

الذري.. أكثر من مجرد مطرب

في زمانٍ غير الزمان وتاريخٍ لا أعرفه، وقف إبراهيم عوض على خشبة مسرحه الغنائي ليحيّ حفل زفاف وكان الحضور من أهل (كوستي) الذين جاءوا لحضور مناسبة الزفاف وقف ليحييهم قبل الغناء…

قال إبراهيم عوض بروحه المَرِحة: علمت أن أهل كوستي هنا سيسافرون الليلة، وهم أهل الشاعر (بشير عبدالعال) الذي كتب أغنية (سلوى) سنهديهم الليلة هذه الأغنية..

لم يكن إبراهيم عوض عبدالمجيد الذي ولد (بحي العرب) بأمدرمان مجرد فنانٍ عابر في مسيرة الأغنية السودانية، ولكنه كان علامةً فارقة في تاريخ الفن والحياة في السودان..

ظهر إبراهيم عوض في العام 1953م الذي سمّاه الصحفي (رحمي سليمان) بالفنان الذَرِّي على نسق (الحرب العالمية) والقنبلة الذرية التي غيّرت العالم في وقتها؛ فكأن إبراهيم عوض أحدث ذلك التغيير في الفن…

ساهم إبراهيم عوض في أغنية فيلم (طرزان) الذي كان بطله الكوميديان المصري إسماعيل يس، بأغنية (إظهر و بان عليك الأمان) والتي تحولت لاحقاً للأغنية الوطنية الأشهر ( أحب مكان وطني السودان)…

كان إبراهيم عوض فناناً في كل شئ، في أزياءه، في تصفيفة شعره، وكان الناس ينتظرن خروجه من المنزل ليستشفوا منه الموضة، حتى أن هناك تصفيفة شعر كانت تسمى بإسمه…

يُحسب لإبراهيم عوض بأنه أول ما أدخل آلات حديثة للأوركسترا السوانية منها آلتي البنقز والأوكورديون، وهو الذي أحدث نقلة في الأغنية السودانية وأول من غنى الأغنيات الخفيفة الراقصة.

كانت أغنية (سلوى) التي صاغ كلماته الشاعر بشير عبدالعال إحدى هذه الأغنيات، وهي بحساب المفردات ليست أفضل ما غنى إبراهيم عوض؛ ولكنها تكتسب أهيمتها من كونها راقصة ولها لحن يمثل تجربة فريدة في شاكلة تلك الأغنيات…

الذي إستمع لأغنية سلوى في ذلك الحفل يدرك حجم الإحتفاء بالفن والموسيقى وبساطة الناس، زمن كامل يستشعره السامع في دقائق بسيطة، وفيها إبراهيم عوض بصيحته التي تحاكي الموسيقى…

لعل ما يميز تجربة (الذري) كونه تنوعت تجربته ما بين ثلاثة من أميز المساهمين في الأغنية السودانية، عبدالرحمن الريح، الطاهر إبراهيم، وعبداللطيف خضر ودالحاوي…

كان إبراهيم عوض الذي بدأ باكراً قبل الكثيرين من ابناء السودان والوطن العربي، قدم موسيقى خالدة وكان يمكن أن يكون نجماً سينمائياً عالمياً كبيراً لو سار في ذلك الدرب، كان يغني في زمانٍ لم يعرف فيه الناس الكثير عن الثقافة والفنون…

الأغنية الراقصة كانت ملكاً له؛ فكان في الحفلات الغنائية ملكاً متوجاً واذا غنى للشجن حاصرك بأغنياته، واذا غنى للوطن سكنك الصدق في مفرداته وصوته، كان فناناً في إختياراته وذوقه الفني وإسلوب حياته الذي إقتدى به الكثيرون من أبناء جيله..

نزار عبدالله بشير
مارس 2024

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.