شبكة الراهن الاخبارية

صرخة في وادي الحرب

كتب: صلاح محمد طه.

صرخة في وادي الحرب …

صوتي مبحوح ، كصوت الملايين من أبناء و بنات بلادي المتأزمين من هذه الحرب و المتذوقين لويلاتها و الشاربين من كأسها الدهوق ، يصرخون أن أوقفوا هذه الحرب اللعينة يا هؤلاء ، أوليس فيكم رجل رشيد ؟ لقد قضت الحرب و لسوف تقضي على أخضر عمرنا و يابس عودنا ، أولم تكن لنا من ماضيات الحروب و الاقتتال عظات فيما مضى حتى نعيد ويلاتها و مآسيها تارة أخرى ؟ أولم نفتر من النظر إلى صور طوابير النزوح الداخلي حتى نصدرها إلى دول الجوار ؟ أولم ترهقنا بعد مشاهد القتل والأسر والإذلال باسم الهوية و القبلية والمناطقية ؟ أولم تهزك مظاهر الجوع و المسغبة في هياكل الأحياء من الناس وهم يتحولون إلى شبه أموات ؟ أولم تهتز مشاعرك وأنت ترى الناس سكارى وما هم بسكارى و لكن عذاب الحرب شديد ؟ أولم تغمرك فيوض اليأس و الحسرة من مظاهر الخراب و الدمار حتى اختنقت و تعتمت عيناك؟ أولم تدهشك الصدمة من شدة البأس و ضراوة القتال و سقوط القتلى و الجرحى من المتقاتلين و من الضحايا و الأبرياء ؟ أولم تروعك مشاهد الدماء و الأجساد المتردية و الاشلاء المتناثرة و هى تزاحم بقايا الحطام ؟ أولم تهزك صرخات الأطفال وهم يتألمون من فعل الشظايا و فقد الأم أو الأب أو الشقيق أو الأخت أو العم أو الخال أو ربما جميع الأسرة؟ أولم تلفت انتباهك طوابير التهجير من القرى و المدن و الفرار بما خف وزنه أملا في النجاة من عدو يتربص أو مجهول غير مؤتمن؟ أولم تهدك البصيرة إلى مآلات أشد وطأة و ألما ستترى تباعا كلما توسع مدى الحرب و استطال امدها؟ .
أولم يخطر ببالك نفاد الغذاء و الدواء للمرضى و المحتاجين ؟ أولم تكلف نفسك تساؤلا كيف للناس الصمود و قد تقطعت بهم سبل العيش بلا مرتبات أو إعانات ؟ أولم تر كيف فعلت بهم ظروف اللجوء وقد فقدوا المعين و السند بل و حتى تفقد المسؤول؟ أولم يدر بخلدك أنى لهم بالملاذ الآمن و الحصن الساتر بعد فقدان المعيل و خسران المتصدق و الكفيل؟
نعم ، ان الحرب أولها خطاب و أوسطها عذاب و آخرها خراب ، فالمنتصر فيها مهزوم ، و الخاسر فيها مأزوم، و الشعب يظل فيما بينهما مكلوم .
فلم نر يوما في الحرب غير الخراب الذي يبدأ بانطلاق الشرارة الأولى فيسود قانون الغاب إذ القوي يأكل الضعيف ، فالدانة تخلف المهانة ، و الراجمة للشجاعة هازمة ، و الرصاصة تدين بدين القناصة ، ولا فرق بين لون دماء القاتل و المقتول فكلاهما أحمر يضمخ الأرض البتول .
فعلام إذا ندمر وطنا كان بالإمكان أن نصونه و نعيش بين جنباته كأخوة و أن نحيا بين جدرانه بمحبة ، بدلا من أن نقتتل فيه كأعداء من أجل دنيا هي أصلا إلى زاول و عمر إلى فناء ، إذ ليس للإنسان في هذه الدنيا سوى ما لبس فأبلى و ما أكل فأفنى .
لقد هرمنا أيها السادة حتى نرى ثمرة أجيالنا و أحلامنا و كدحنا يتحقق أملهم في وطن تسوده مظاهر الحياة الكريمة ، وتشمخ راياته بقيم العدالة و المساواة و الحرية و السلام ، وطن يغرسون فيه قيم الحب و الخير و الجمال ، وطن يقدمون له الأعمال الجليلة التى تعمره خدمة لإنسانه الطيب الكريم و المعطاء ، أملا في بناء مجتمع الرفاهية و السلام المستديم .
ولك يا وطني مني السلام وخالص الدعاء.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.