شبكة الراهن الاخبارية

الأصدقاء في كل مرة

الأصدقاء في كل مرة

*نزار عبدالله بشير*

ذات مرة قرأتُ سؤالاً إفتراضياً، و فحواه لو كانت حياتك شريط فيلم هل ستشاهده أمام العامة؟ هذا السؤال علي بساطته يمنحك القدرة على الخيال و أن تتحرر من قيود اللحظة الراهنة إلى براحات الخيال الممتدة حيث لا حدود للرؤى، و هذا ما فعلته، بل و طرحت سؤالاً إفتراضياً آخراً:
ماذا لو كان بإمكانك أن تشاهد شريط حياتك بعد عمرك الذي مضى؟ الأمر مفجع؛ من رحمة الله بنا أن ذلك لا يحدث؛ حيث لا تعلم من خان و لا من خذل و لا مَن باع و لا مَن فعل أي شئ، أن تتعامل هكذا بسجيتك مع الجميع لك حُسن ظنك و لهم إثم الظنون..
في غمرة هذا التساؤل الإفتراضي تخيلت كم إبتسامة يمكن أن ترتسم على وجوهنا و نحن نشاهد تضحيات الأصدقاء التي قدموها من وراء حجاب، كم من المرات قدموا دون أن ندري أي ثمنٍ دفعوا، كم من الدموع ستذرفها حين تعلم كَم التنازلات التي قدموها و قصدوا إخفاءها حتى لا يشعرونك بالخجل، أي دموعٍ ستذرفها و أنت تراهم يبيعون أحلامهم التي قاتلوا لأجلها سنوات في سبيل لحظةٍ واحدة ليحققوا لكم حلم أو يمنعوا عنك حزن…
الأصدقاء في كل مَرة..
حين تشعر بأن الحياة قد أغرقتك بالهموم و الآحزان و أنك لا محالة هالك، لا مخرج لك فكل الأبواب قد سُدت أمامك؛ تتفاجأ بأن كل شئ قد إنتهى بمجرد أن يحادثك أحدهم و يذلل الصعاب التي كنت تراها جبالاً باقية إلى الأبد، أنت لا تعرف كم ضحى و خسر في سبيل أن يزيل حُزن عينيك، و لا تعرف كم من الوقت أمضاه يفكر في أمرك و هو بذلك يهبك عمراً دون أن تطلب أو حتى تعلم، فكيف لك بسداد هذا الدَين.
الأصدقاء في كل مَرةٍ و مُرة..
حين يحاصرك الحزن و تشتد عواصف الحياة، حين يغلبك التصرف في أمرك و يصيب تفكيرك الشلل، حين تفقد القدرة على المشي يصبح لك عُكازاً، و إن فقد عملك فهو بنكٌ يموِّل دون شروطٍ أو قيود، و إن فقدت يدك فهو أيادٍ تعمل تحت طوعك، و إن أصابك مكروه بكى قبلك، يشعر بك قبل أن تنطق، و يبادر دون أن تطلب، يخوض معك الحرب قبل أن تأمر و ينفذ لا ينتظر أمراً، ناصحاً في الخطأ و مقوّماً في الفشل، مشاركاً في الفرح، و مبتهجاً في النجاح، يحتفي بك أكثر مَن نفسه، يبكي لمرضك و يحزن لسفرك، يشتاق لحضورك، و توحشه نكاتك غير المضحكة، إعتادك قبل أن يحبك و أحبك قبل أن يختارك، أنتما روحٌ واحدة و جسدان، و جسدٌ واحد إن دعى الأمر.. فأي دَين يقع على عاتقك؟
كلما هممت بسماع أو قراءة كلمات الشاعر السوداني عوض حسن أبوالعلا تذكرت الأصدقاء:
أبداً أعيش بحبه..
أنا دون أحبابي حُطام

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.